مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة تبدأ مشاركتها في معرض تورينو الدولي للكتاب 2025

عبر ندوة متخصصة ناقشت موسوعة "المسلمين في صقلية"

دبي، الإمارات العربية المتحدة، 15 مايو 2025 بدأت مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة فعاليات مشاركتها في "معرض تورينو الدولي للكتاب 2025"، الذي يُعد من أبرز الأحداث المعرفية والفكرية في أوروبا، ويقام في الفترة من 15 إلى 19 مايو 2025. وذلك في إطار حرص المؤسَّسة على تعزيز حضورها على الساحة العالمية، والترويج لمشاريعها المعرفية، وإصداراتها الفكرية الرائدة في مجالات العلم والمعرفة وصناعة النشر.
وانطلقت المشاركة بندوة نظمتها المؤسَّسة عن موسوعة "المسلمين في صقلية" والتي أطلقتها مؤخراً، وشارك في الندوة سعادة جمال بن حويرب المدير التنفيذي للمؤسَّسة، والدكتور أتيليو بيتروتشيولي، أستاذ قسم دكتوراه العمارة والبناء في جامعة روما، والدكتور فرانشيسكو فيولانتي أستاذ مشارك في تاريخ العصور الوسطى في جامعة باري بإيطاليا.
وفي كلمته خلال الندوة قال سعادة جمال بن حويرب إن موسوعة "الحضارة الإسلامية في صقلية"، تمثّل ثمرة جهد أكاديمي مميز استمر لما يزيد على ثمانية عشر عاماً، بإشراف المفكرة والأكاديمية الراحلة الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي. حيث تضمنت ثلاثين بحثاً علمياً شارك في إعدادها تسعة وعشرون باحثاً من إيطاليا والعالم العربي وأوروبا وأمريكا". موضحاً أن الموسوعة لا توثق فقط للحقبة الإسلامية في صقلية بين عامي 831 و1091، بل ترسم ملامح حضارةٍ متكاملةٍ أسهمت في تطور العمارة، والعلوم، والفنون، واللغة، والنظم الاجتماعية في هذه الجزيرة المتوسطية الفريدة.
وأكد سعادته أن مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة تُؤمن بأن المعرفة هي الجسر الحقيقي للتواصل الحضاري، وتعمل بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي "رعاه الله" لدعم المبادرات التي تُعزز التفاهم والتكامل بين الثقافات، وتُسلط الضوء على الإسهامات الحضارية التي قدّمها العرب والمسلمون في مسيرة الإنسانية.
وأفاد بأن إصدار هذه الموسوعة باللغة الإنجليزية حالياً، وباللغة الإيطالية قريباً، سيفتح باباً جديداً للتواصل المعرفي مع العالم، ويُقدِّم للمؤرخين والباحثين مرجعاً موثوقاً لإبراز هذا الجانب المنير من التاريخ الأوروبي والعربي الذي لطالما غُيِّب أو حُصر في الأندلس وحدها، رغم أن لصقلية تاريخاً لا يقل إشراقاً ولا تأثيراً.
بدوره، قال الدكتور أتيليو بيتروتشولي أحد المساهمين في الموسوعة: "تشرفت بالمساهمة في هذا العمل الأكاديمي المهم الذي يُعيد تسليط الضوء على الإرث المعماري والعمراني للحضارة العربية الإسلامية في صقلية، حيث ركزت من خلال دراستي ضمن الموسوعة على تحليل البنية المعمارية والتخطيط الحضري، والمناظر الطبيعية، مستخدماً منهجاً يهدف إلى إعادة بناء العمليات النمطية وتفكيك الأحكام المسبقة التي لطالما أعاقت البحث في هذا المجال.
وأضاف: "قمت بإبراز أمثلة حية من مواقع ومبانٍ تُظهر حضوراً واضحاً للثقافة العربية في صقلية، والتي غالباً ما يتم تجاهلها أو نسبتها بالكامل إلى الفترات النورمانية. كذلك أشرفت على دراسات معمّقة حول البنى التحتية المائية والحدائق الإسلامية، التي أعادت تفسير معطيات أثرية ومعمارية معروفة، وقدّمنا رؤى جديدة تستحق المزيد من البحث. ونؤمن أن هذا الكتاب لا يكتفي بتوثيق الماضي، بل يشكّل دعوة مفتوحة لإعادة قراءة التاريخ بعين علمية ومنهجية، ولبناء فهم أكثر إنصافاً وعمقاً للحضارات التي ساهمت في تشكيل هوية المتوسط".
من جهته، أوضح الدكتور فرانشيسكو فيولانتي أن الموسوعة تُشكل خطوة حاسمة نحو فهم أعمق للترابط التاريخي والثقافي بين شعوب المنطقة، بعيداً عن الروايات التقليدية التي أقصت إسهامات الحضارة الإسلامية من السرد الأوروبي. حيث عملت على إعادة قراءة التاريخ بناءً على مصادر علمية متعددة، لتبيان الدور المحوري الذي لعبته صقلية المسلمة في الجغرافيا السياسية، والتبادل الاقتصادي والثقافي، وتشكيل الهوية المتوسطية. كما تطرح الموسوعة قراءة جديدة لتجربة التعددية والتعايش بين الثقافات بما لها من دروس معاصرة في فهم الآخر وتعزيز الحوار. وختم قائلاً: "نأمل أن يكون هذا الجهد الأكاديمي، بما يتضمنه من بحوث في التاريخ والفن والعمارة والمجتمع، دافعاً لمزيد من التعاون العلمي، وأن يُمهّد الطريق لمبادرات بحثية جديدة، تُعنى بإحياء هذا الإرث المشترك وبنائه على أسس السلام والمعرفة.
وتمثّل مشاركة مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة في معرض تورينو الدولي للكتاب خطوة جديدة في مسارها الطموح نحو توسيع دائرة تأثيرها العالمي، وترسيخ مكانتها كمركز رائد للمعرفة على الساحة الدولية. وسعيها لبناء شراكات استراتيجية، وتبادل الخبرات بما يدعم رؤيتها في أن تكون دبي منارة عالمية للفكر والإبداع والتنمية المستدامة.